مدونة سعاد مسكين


النقد المغربي الحديث، التطورات والراهن

سعاد مسكين | Souad meskine


19/12/2020 القراءات: 2172  


النقد المغربي الحديث، التطورات والراهن

يدعونا الحديث عن النقد المغربي الراهن إلى رصد التحولات التي عرفها هذا النقد منذ السبعينيات إلى الآن، والمتأمل لوضع النقد في هذه المرحلة، يمكن القول إنه تميز بسمتين كبيرتين، هما:
1) سمة التأسيس، وهي مرحلة السبعينيات والثمانينيات حيث كان الحديث عن اتجاهات أو مذاهب نقدية: البنيوية (عبد الفتاح كيليطو، محمد مفتاح)، البنيوية التكوينية (نجيب العوفي، عبد الحميد العقار)، السرديات (سعيد يقطين)، التلقي (أحمد بوحسن، محمد مفتاح)، على سبيل التمثيل لا الحصر. ويأتي الغرض من تمثيل هذه الاتجاهات إظهار مكانة النقد في هذه المرحلة إذ كان للناقد وعيا بالممارسة النقدية، ومدركا أهميتها في تجاوز المقاربة والتحليل إلى توليد المفاهيم عبر المزاوجة بين نقل المفاهيم الغربية ومحاولة استنباتها داخل الفكر المغربي من أجل استنطاق مفاهيم جديدة تنسجم وتربة النص الأدبي المغربي، كما أن معظم هذه التجارب النقدية اشتغلت ضمن مشروع نقدي لا زال محط تفكير وتمحيص. الأمر الذي يجعل النقد الأدبي المغربي ينطلق من رؤية تصورية شاملة وفي الآن نفسه منتجة.
2) سمة التطبيق والتحليل، وهي مرحلة التسعينيات والألفية الثالثة حيث اتخذ النقد ملامح التحليل الوصفي والمعياري الذي ينطلق من محاولة تطبيق المفاهيم النقدية الغربية على نصوص أدبية دون مراعاة خصوصية الإبداع الأدبي، ودون تمثل ابستمولوجي لسياق إنتاج المفاهيم المشتغل بها، ودون الانتباه إلى جماليات الإبداع الأدبي، ونحن في عرضنا لهذه السمة، لا يعني أننا ضد التحليل البنيوي للنصوص الأدبية ومحاولة تفكيكها من أجل الفهم، ولكن غرضنا من كل ذلك الدعوة إلى خلق تراكم في المقاربات الوصفية من أجل إنتاج تصورات نظرية، لأننا نؤمن بجدلية النظرية والنص، إذ قد ننطلق من النظرية كي نطبقها على النص أو ننطلق من النص كي نخلص إلى النظرية، وما ينقص النقد هنا هو الانطلاق من النص لخلق تصورات نظرية متكاملة.
تدعونا السمتان معا إلى طرح السؤال: أي نقد مغربي نريد؟
لا يمكن للنقد العربي عامة والمغربي خاصة أن يطور أدوات اشتغاله، وينتج تصورات نقدية ذات رؤية شاملة دون توفر المقومات الآتية:
أ‌. الوعي بالممارسة النقدية المنتجة التي تتجاوز التحليل إلى إنتاج معرفة بالإبداع الأدبي، ومعرفة بخصائصه البنيوية، وجمالياته الفنية؛
ب‌. الاشتغال داخل مشروع نقدي متكامل ينطلق من فكر نقدي له رؤيته الشاملة وليس مجرد تطبيقات خالية من اجتهاد تصوري ونظري؛
ت‌. ولتحقيق تصورات نظرية تهم الفكر النقدي المغربي والعربي علينا أن نفكر في الانتقال من الناقد الدارس إلى الناقد العالِم، ولا يمكننا في رأينا أن تحقق هذه الغاية إلا عبر وجود مختبرات ذات اشتغال جماعي تؤسس لقناعات ورؤى فكرية وأدبية مشتركة،
ث‌. ضرورة إعادة التفكير في اللغة الواصفة الخاصة بالنقد إذ عليها أن لا تظل لغة متعالية، تمتح من المفاهيم النقدية المنقولة أو المستحدثة دون مراعاة ذائقة القارئ الذي لا يهمه من النقد سوى تقريبه من الإبداع الأدبي وجمالياته، ودون إثقال كاهله بلغة معيارية ووصفية لا يفهمها إلا المتخصص الأكاديمي، ويجب أن لا يفهم من هذا الكلام أنه دعوة إلى استسهال النقد أو الدعوة إلى كتابة نقد انطباعي وإنما نسعى من وراء ذلك ،إلى إعادة التفكير في العلاقة الحميمية بين النقد والإبداع لأنه لا يمكن أن يتجدد أحدهما أو يتطور دون الآخر، كما لا يمكن أن نقيمهما دون وجود القارئ.


النقد المغربي، التأسيس، التحليل، التجديد، مأسسة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


ما هي الغاية من النقد الأدبي؟


النقد الأدبي هو خطاب لغوي يعمل على دراسة النصوص الأدبية الشهرية أو النثرية، ويقوم بتحليل بنياتها الخطابية والأسلوبية، ويبدي حكما حولها. هذا تعريف بسيط أستاذ محمد حسين محمد الدليمي. شكرا على تفاعلك مع المنشور.


الشعرية عفوا وليس الشهرية