مدونة صالح بن ناصر بن علي الخروصي
أثر ظهور الشركات الناشئة على وسائل عمل هيئات الرقابة الشرعية في المالية الإسلامية
د. صالح بن ناصر بن علي الخروصي | Saleh Nasser Ali Al Kharusi
14/12/2020 القراءات: 1858
تمهيد (التكنولوجيا المالية - الفينتك)
لقد كان للتطور التكنلوجي الذي شهده العالم في السنوات الأخيرة أثر كبير على مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع المالي، وكان من أبرز تلك الآثار ظهور الشركات الناشئة على الساحة، وتأثيرها فيها بشكل رئيسي وفعال، سواء كان هذا التأثير على صعيد الأسواق المالية عموما أو على صعيد المالية الإسلامية خصوصا، والتساؤل الذي يسعى هذا المقال للوقوف عليه وكشف جوانبه هو: مدى تأثير ظهور الشركات الناشئة على طريقة عمل هيئات الرقابة الرعية في المالية الإسلامية في ممارسة أعمالها الرقابية على خدمات هذه الشركات في نطاق المالية الإسلامية؟
طبيعة الشركات الناشئة
عرف تقرير (ومضة - بيفورت) الشركة الناشئة بأنها:" شركة يقل عمرها عن عشر سنوات، تأسست لكي تتوسع"، غير أنه في نطاق تكنلوجيا المالية لا بد من تقييد تعريف هذه الشركة بأنها شركة متخصصة في تكنلوجيا المالية، وتعنى بالخدمات المالية، وعليه فيمكن القول هنا بأن الشركة الناشئة هي:" شركة متخصصة في تكنلوجيا المالية، وتعنى بالخدمات المالية، يقل عمرها عن عشر سنوات، تأسست لكي تتوسع".
ارتباط الشركات الناشئة بالمصارف
الشركات الناشئة هي شركات مستقلة عن المصارف استقلالا تاما، ولما كان نطاق عملها تقديم خدمات مالية عدت من قبل الكثيرين قطاعا منافسا للمصارف، ولكن ما موقف هذه الشركات الناشئة نفسها من المصارف؟
ظهر لهذه الشركات الناشئة موقفان تجاه المصارف، الأول: رأت بعض الشركات الناشئة عدم الدخول في شراكة مع المصارف نظرا لاستقلال كل قطاع عن الآخر، وقدرتها في دخول السوق المالي ومواجهة تحدياته، فسعت لتشق طريقها وحدها في ميدان القطاع المالي، الثاني: رأت شركات ناشئة أخرى إبرام شراكة مع المصارف لما في ذلك من تقديم خدمات مالية على نحو أفضل وأسهل.
طريقة الرقابة على أعمالها المالية
وفي ضوء المالية الإسلامية فإن التساؤل المتقدم حول طريقة ممارسة هيئات الرقابة الشرعية أعمالها الرقابية على خدمات الشركات الناشئة قد لا تثور أمام الشركات الناشئة التي عقد شراكة مع المصارف الإسلامية، نظرا لأن الخدمات ستقدم تحت مظلة المصرف الإسلامي، والمصرف الإسلامي لن يقدم أي خدمة دون ممارسة هيئة الرقابة الشرعية أعمال الرقابة على تلك الخدمات، ولكن التساؤل يثور حول تلك الشركات المستقلة التي تقدم خدماتها على نحو مستقل.
فالذي يبدو أن هذه الشركات الناشئة لا يتناسب معها تعيين هيئة رقابة شرعية خاص بها، وسبب ذلك أن هذه الشركات عادة ما تقدم خدمة واحدة فقط كشركات المدفوعات، وهي الشركات التي تعنى بسداد المبالغ، أو خدمات محددة كالمدفوعات والإقراض مثلا، فمثل هذه الشركات لا تتسم عقودها بالتعقيد كما في المصارف التي تتعدد خدماتها المالية، وإنما يكون لها عقد موحد يتم استخدامه مع جميع العملاء مهما كثر عددهم، وهذا ما يعني أن مراجعة هذا العقد مرة واحدة من قبل مستشار شرعي كاف لاستخدامه مع جميع الأطراف، وأما ما عدا هذا من قضايا تمر بها هذه الشركات فهي لا تعدوا ان تكون قضايا فردية قليلة يكفي فيها توجيه سؤال إلى جهة شرعية مختصة لمعرفة موقف الشريعة الإسلامية منها.
ولهذا لسبب فلا يبدو هنا أن هذه الشركات الناشئة بحاجة إلى وجود هيئات رقابة شرعية خاصة بها، وإنما السوق المالي بحاجة إلى هيئات شرعية مستلقة تستطيع هذه الشركات الناشئة الرجوع إليها، كما أن كثرة الشركات الناشئة قد يكون امرا دافعا لوجود مثل هذه الهيئات الشرعية المستقلة، سواء كانت هذه الهيئات تابعة لجهة حكومية كالبنك المركزي أو جهات استشارية خاصة، ومن خلال الأنظمة المختلفة حول العالم في طريقة عمل الهيئات الشرعية، يمكن اقتراح عدة صور لذلك:
1- هيئة رقابة شرعية موحدة لجميع الشركات الناشئة، يكون مقرها البنك المركزي، أو وزارة التجارة نظرا لأن الشركات التجارية وتنظيمها عائدة إليها لا إلى البنك المركزي.
2- التعاقد مع مستشار شرعي ليراجع العقود فقط، دون الدخول في تفاصيل تنفيذ.
3- التعاقد مع مكتب استشارات شرعي ليقوم المستشارون فيه بمراجعة العقود.
4- إنشاء الشركات الناشئة لهيئة رقابة شرعي خاص بها، سواء كانت جميعها، أو على مجموعة منها، كأن تنشئ كل خمس شركات ناشئة هيئة رقابة شرعية خاصة بها.
تكنلوجيا المالية - شركات ناشئة - هيئة - رقابة شرعية - وسائل
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
رائع يا دكتور، واقتراحات رائعة. شكرا لك
مواضيع لنفس المؤلف