مدونة الأستاذ الدكتور/ زينب صلاح محمود يوسف
دور المرأة في مواجهة التغيرات المناخية العالمية
أ.د/ زينب صلاح محمود يوسف | Prof. Dr/ Zeinab Salah Mahmoud
11/10/2020 القراءات: 4641 الملف المرفق
أضحى التغير المناخي ظاهرة عالمية تستدعي حشد الطاقات البشرية والخبرات الدولية لمواجهة آثار كارثة بيئية محتملة قد تهدد مصير البشرية، فظاهرة التغيرات المناخية تميزت عن معظم المشكلات البيئية الأخرى بأنها عالمية الطابع حيث أنها تعدت حدود الدول لتشكل خطورة على العالم أجمع. فقد أدى التوجه نحو تطوير الصناعة في الأعوام المنصرمة إلى حرق مليارات الأطنان من الوقود لتوليد الطاقة، والتي أطلقت غازات تحبس الحرارة داخل الغلاف الجوي، وهي من أهم أسباب تغير المناخ، حيث زاد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وهو أحد أهم الغازات مساهمة في تغير المناخ والتي تمكنت من رفع حرارة الكوكب 1,2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، ويتوقع الخبراء المزيد من الارتفاع في درجات حرارة المتوسط العالمي من 1 إلى 3,5 درجة مئوية بحلول عام 2100 بالمقارنة بعام 1990، مما يعني أن البشرية تنتظر نتائج كارثية على البيئة والحياة الطبيعية للإنسان والحيوان والزرع، وبالتالي على اقتصاديات جميع الدول.
ومن سخرية القدر أن الدول النامية التي تقع عليها مسؤولية أقل عن تغير المناخ، هي التي ستعاني من أسوأ عواقبه، لعدم توافر الموارد اللازمة لمجابهة مثل هذه التغيرات. فقد حذر تقرير حكومي عن حالة البيئة في مصر من خطورة الآثار السلبية التي يمكن أن تصيب مصر نتيجة تغير المناخ، مؤكداً أن الزراعة ستكون أول القطاعات المتأثرة بهذا التغير، وأوضح التقرير الصادر عن وزارة الدولة لشؤون البيئة أن هناك خطران يلوحان في الأفق جراء التغيرات المناخية المتوقع أن تطرأ علي كوكب الأرض مستقبلاً، أولهما أن نهر النيل قد يفقد ما يعادل من 30 إلي 60% من موارده المائية، نتيجة تغير كميات الأمطار في منابع النهر، الأمر الذي يمكن أن يؤدي بدوره إلي نقص هائل في القدرة علي الإنتاج الزراعي. وأشار إلي أن الخطر الثاني متعلق بانخفاض معدلات إنتاج الزراعات المعتمدة علي الأمطار في شمال أفريقيا بنسبة تصل إلي 50%.
وبالرغم من خطورة قضية التغيرات المناخية وتميزها بعالمية الطابع فهي نتاج مشترك لسلوكياتنا على المستوى الفردي والجماعي. فما يفعله الفرد في محيطه الصغير والمباشر ( المنزل ) من ممارسات ايجابية أو سلبية تصل آثاره ونتائجه الحميدة أو الضارة إلي الحي الذي يعيش فيه فالوطن ثم إلى مستوى العالم.
فالتلوث البيئي لا ينتج من التقدم التقني والتكنولوجي فحسب وإنما من الأنشطة الإنسانية التي لا تراعي متطلبات حماية البيئة. فمشكلة التلوث البيئي هي مشكلة وثيقة الصلة بأنماط السلوك تجاه البيئة، والقصور في إدراك قضايا البيئة والوعي بها. لذلك فإن مواجهة مشكلات التلوث البيئي تتطلب تغيير سلوك الأفراد والجماعات للتخفيف من حدة هذه المشكلات وإدراك طبيعة العلاقة بين الإنسان وبيئته أي تنمية الوعي البيئي تجاه حماية البيئة. ولما كانت البيئة المنزلية هي البيئة المصغرة لبيئة المجتمع، فإن التعامل الحكيم والممارسات السلوكية السليمة عند استخدام موارد البيئة المنزلية من قبل ربة الأسرة القائم الأول على الإدراك لمشكلة التلوث البيئي والتغيرات المناخية، قد يكون خطوة هامة للحد من هذه المشكلة. فالبيئة المنزلية هي نقطة البداية لمواجهة المشكلة على المستوى القومي والعالمي. لذلك يجب الاهتمام بالبعد السكاني في قضية التغيرات المناخية ودمج المرأة في خطط المواجهة سواء بالتوعية بالسلوكيات الرشيدة بيئيا أو بدعمها وتطوير قدراتها. حيث يجب وضع المرأة في موقف الفاعل والمشارك لا المتفرج في مواجهة التغيرات المناخية.
حيث تظهر أهمية دور المرأة في الحد من مسببات ظاهرة تغير المناخ بحكم دورها الرئيسي في تدبير احتياجات الأسرة داخل المنزل وتعاملها مع معظم الموارد الطبيعية، بالإضافة إلي كونها القدوة لأبنائها في التعامل مع تلك الموارد، لذلك فمن الضروري الاهتمام بدور المرأة كأداة فاعلة في المنظومة البيئية من خلال تعاملها مع الموارد المتوفرة في البيئة المنزلية، ومتى ما وعت المرأة أهمية ومحدودية هذه الموارد سيكون ذلك مهماً في الحد من استنزاف الموارد البيئية وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى مخلفات داخل البيئة. حيث أصبحت ربة الأسرة تستعين بأنواع جديدة من الخامات الحديثة والمنتجات أحادية الاستخدام كالفوط الورقية ومنتجات ورق الفويل والمنتجات البلاستيكية كالأطباق والشوك وغيرها مما يزيد من حجم المخلفات ويزيد بالتالي من حجم مشكلة التغيرات المناخية.
وإذا كانت ربة الأسرة مسئولة عن الحد من استنزاف الموارد، فأنها أيضا تقوم بدور تربوي بيئي أكثر أهمية، ألا وهو توجيه الأبناء في الاستخدام الرشيد للموارد، مثل توجيه الأبناء إلى إتباع الأسلوب السليم للاستفادة من المياه وعدم إهدارها وترشيد استهلاكها، والتعامل مع المخلفات المنزلية وكيفية الاستفادة منها، وهو ما سيكون له التأثير المباشر في تعاملهم مع البيئة. وبذلك فقد يكون رفع وعي ربة الأسرة بالتغيرات المناخية هو المدخل الأساسي لممارسات سلوكية صديقة للبيئة عند استخدام موارد البيئة المنزلية.
لذلك يجب تكثيف تقديم البرامج التي تهدف لتوعية ربات الأسر بالتغيرات المناخية العالمية أسبابها وتداعياتها في التأثير على الفرد والمجتمع سواء المحلى أو العالمي ودورها في المساهمة في إحداث هذه التغيرات وكذلك دورها في حماية البيئة عن طريق الاستخدام الرشيد لموارد البيئة المنزلية وثيقة الصلة بهذه التغيرات. بالإضافة إلى دعوة كافة الجهات الرسمية لإصدار القوانين والتشريعات لحماية البيئة من التغيرات المناخية العالمية. وتفعيل الدور الإيجابي لمؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية والجمعيات والاتحادات والأحزاب والنقابات نحو حماية البيئة من التغيرات المناخية العالمية. ووضع البرامج الوقائية والعلاجية المناسبة للحد من أخطار هذه المشكلة. مع رفع الوعي بالممارسات السلوكية البيئة السليمة وتعظيم مسئولية المرأة تجاه البيئة بتجنب الممارسات السلوكية المشينة أو الاستهلاك المبالغ فيه للموارد
التغيرات المناخية العالمية - دور المرأة - البيئة المنزلية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
فعلاً موضوع مهم جداً ويتطلب مزيد من رفع وعي المرأة بالممارسات الصحيحة للتعامل مع موارد البيئة المنزلية للحد من دورها في إحداث التغيرات المناخية مع إجراء الدراسات والبحوث العلمية في هذا المجال
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة