مدونة الدكتوره ساره مطر العتيبي
تأملات تربوية في النصوص الشرعية
دكتورة ساره مطر العتيبي | Dr/Sarah Motter ALOtaibi
30/03/2020 القراءات: 4501
العلم وعلاقته بأصل خلقة الانسان
" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) " سوره العلق
من خلال التأمل باسم في( سورة العلق ) وقوله عز وجل (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ) يتضح لنا أن أصل خلق الانسان أنَّه من علق أي من دمٍ مُعلَّق في عُنق الرحِم أو ما يُسمَّى بالعلقة دويدة معروفة كُلها دم لو وقعت على ثوبك لاستقذرت منها فهذا أصل الإنسان. إذا فالعلق هو شدة الالتصاق بالشيء حتى يكاد من الصعوبة الانفكاك عنه، فهو يلتصق به ليمتص منه غذاءه ولو انفك عنه سيفقد قدرته على البقاء أو ينقطع عنه أسباب الحياة، ومن شدة تعلقه فهو لا يكاد يرى لصغر حجمه وشدة التصاقه حتى أصبح كالجزء الأساسي مما علق به، والعلق هو شدة الاستمتاع بالشيء من خلال علقه أي امتصاصه فأنت تعلق أصابعك بعد أن تلذذت في تناول طعام شهي ، فمن شدة حبك لذلك الطعام بعد الانتهاء منه علقت ما بقي منه عن أصابعك .
فيؤخذ من هذا أمرين مهمين
1:ألا وهي أن الناس كُلهم يتساوون في قضية الخلق من علقة والعلو والارتفاع والتمايز بين الناس والرفعة تكون عن طريق العلم وحده .
2: و أهمية الارتباط بخالقه والالتصاق به حتى لا ينشغل عنه بحب من لا ينفعه حبه .
و سبب نزول الآية يوضح لنا المغزى من نزولها ، فقد حُبِّب إلي النبي صلى الله عليه وسلم الخلاء، فكان يأتي حراء فتحنث فيه - وهو: التعبُّد - الليالي ذوات العدد، ويتزوَّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوَّد لمِثلها، حتى فاجَأَه الحق وهو فيغار حراء، فجاءه الملَك فيه، فقال: "اقرأ"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فقلتُ: ما أنا بقارئٍ))، قال: ((فأخَذَني فغَطَّني حتى بلغ مني الجَهْد ثم أرسلَني، فقال: "اقرأ"، فقلتُ: ما أنا بقارئٍ........الآخر الحديث الذي نزلت سورة العلق بسببه . :
، وقد يظهر تناقض للناظر لأول وهلة ، ((و يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((ما أنا بقارئٍ
ولكن والتدبر والتفكر في آيات الله سواء التفكر في ملكوت الله كما كان يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق وكما هو معلوم إنَّ التدبُّر والتفكُّر في آيات الله هو السبيل الوحيد للوصول إلى فهم الأمر ومرا الله عز وجل. قال تبارك وتعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ ( محمد:24). فقد تدبر نبي الله ابراهيم في مخلوقات الله من نجوم وكواكب وتوصل أنها جميعا مخلوقات ولها خالق مبدع فتوصل بعقله لتوحيد الربوبية فقط أم توحيد العبادة ( الألوهية) وتوحيد الاسماء والصفات فانزلها الله على رسله فتتبروا وعملوا بمقتضاها .
ويلحظ القارئ أن القرآن في أول نزوله تكلم عن قضية تُعتبر مِفصلِية ومهمة ألا وهي قضية العلم يتَّضح ذلك من الكلمات الواردة في هذه الآيات:
يَعْلَمْ ) فقد تكررت مُفردة العِلم أكثر من مرة، ثُم جاءت أدوات العلم وهي القلم ثُم جاءت وسيلة التعلم وهي القراءة.
فالقضية الأولى التي نزل بها القرآن هي العلم والتعلم والتدبر. وبالعلم ميز أبو البشر آدم؛ به تتميز ذريته بعضها عن بعض. ولكن من المؤسف على الرغم من توفر الأدوات حديثه للعلم غير القلم مثل( الجوالات )التي توفر المادة العلمية والاداة في آن واحد . بالرغم من ذلك كله إلا أن القرآن لا يفتح إلا في رمضان ، ويجد الانسان لنفسه ساعات طوال لقراءة أمور قد تكون فائدتها لحظيه أو معدومة تماما بعكس كتاب الله عز وجل فهو نافع لحاضر الانسان ومستقبله ومآلة.
بقلمــــ
الدكتورة ساره العصيمي
[email protected]
التساوي في مادة الخلق ، والتفاوت بيني بالعلم
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع