المسؤولية الجنائية يتضمن التعريف بالمسؤولية الجنائية والاشارة لاحكامها
الدكتور نوفل علي عبدالله الصفو | nawfal ali alsafo
31/01/2020 القراءات: 18405
لم تتعرض أو التشريعات الجنائية، ومنها القانون العراقي لتعريف المسؤولية الجنائية تاركة ذلك للفقه، واكتفت في نصوصها برفع المسؤولية الجنائية عن فاقدي الإدراك أو الإرادة، كالمجنون والصغير غير المميز والمكره لعدم توافر الأهلية الجنائية التي هي ركيزة أساسية لقيام المسؤولية الجنائية، الا ان الفقه قد عرفها بتعاريف عديدة، اذ تعرف المسؤولية بوجه عام بانها: (الالتزام بتحمل الجزاء الذي ترتبه القواعد كأثر للفعل الذي يمثل خروجا على احكامها)، أما المسؤولية الجنائية فقد عرفت بانها:(الالتزام بتحمل الاثار القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة، وموضع هذا الالتزام الجزائي فرض عقوبة أو تدبير احترازي حددهما المشرع الجزائي في حالة قيام مسؤولية اي شخص)، وتعرف أيضا بانها: (مجموعة الشروط التي تنشئ عن الجريمة لوما شخصياً موجهاً ضد الفاعل، وهذه الشروط تظهر الفعل من الناحية القانونية على انه تعبير مرفوض لشخصية الفاعل)، أو هي :(تحميل الإنسان نتيجة أعماله ومحاسبته عليها لأنها تصدر منه عن إدراك لمعناها ولنتائجها وعن أرادة منه لها).
أما المسؤولية الجنائية في الفقه الاسلامي فلا تختلف في معناها عما هو في القانون، على الرغم من عدم استخدام فقهاء الشريعة الاسلامية لفظ المسؤولية واستخدامهم لفظ تحمل التبعة أو أهلية الشخص لتوقيع العقوبة عليه، اذ ان المسؤولية الجنائية في الفقه الاسلامي هي عبارة عن (الالتزام بتحمل النتائج المترتبة على توافر أركان الجريمة)، أو هي (تحمل الانسان نتائج الافعال المحرمة التي يأتيها مختاراً وهو مدرك لمعانيها ونتائجها فمن أتى فعلا محرماً وهو لا يريده كالمكره أو المغمى عليه لا يسأل جنائياً عن فعله، ومن أتى فعلاً محرماً وهو يريده ولكنه لا يدرك معناه كالطفل أو المجنون لا يسأل عن فعله)، وقد رجح الفقه الإسلامي تعريف الجريمة بانها:(الجريمة هي محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو قصاص أو تعزير).
وفي ظل السياسة الجنائية التي توجت بأفكار الاتحاد الدولي لقانون العقوبات، فقد اقيمت المسؤولية على أساس فكرة الخطأ كقاعدة عامة، وعلى أساس الخطر في حالات استثنائية عند عدم كفاية العقوبة أو توافر مانع من موانع المسؤولية، فالمسؤولية العقابية تفترض الخطيئة(فالفعل لا يكون اثما الا اذا كانت النفس اثمة)، أما المسؤولية الاحترازية فتفترض الخطورة الاجرامية، ( فأساس العقوبة هو الخطأ وأساس التدبير هو الخطر)، فاختلف الفقه في أساس المسؤولية الجنائية بين مذهب حرية الاختيار ومذهب الجبر، فالمذهب التقليدي (مذهب حرية الاختيار) يرى ان الانسان يتمتع بالاختيار الحر، وان الجريمة هي اثم اخلاقي، اما المذهب الوضعي (مذهب الجبرية) فيهمل حرية الاختيار ويرى ان الانسان مسير وليس بمخير، وان الجريمة نتاج مجموعة من العوامل داخلية وخارجية، وليست نتاج حرية الارادة والاختيار ويقيم الجريمة على أساس اجتماعي، الا ان المستقر في التشريعات الحديثة تأسيسها للمسؤولية على أساس اخلاقي (المسؤولية الاخلاقية) قوامه حرية الاختيار، لأنه الاقرب الى العدل والمنطق والعقل، ولكن هذه الحرية هي حرية مقيدة اذ ينص الشارع على العديد من التدابير الاحترازية التي لا تتوقف على توافر حرية الاختيار ولا تستبعد بامتناع المسؤولية الجنائية، فمن غير المتصور ان ننكر الارادة الحرة للإنسان لان الواقع العملي يؤيد وجودها وان كانت غير مطلقة، فالمسؤولية الجنائية تقوم على أساس حرية الاختيار المقيدة، فالجزاء ينزل بالجاني لأنه اتجه بإرادته نحو مخالفة القانون، أما اذا لم يكن بالإمكان فرض العقوبة عليه فانه يخضع لتدابير احترازية لتأمين المجتمع من خطورته، وقد تبنت أو التشريعات الجنائية هذا الاتجاه التوفيقي، ومنها قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969(المواد 60 -63 عقوبات عراقي)، اذ تبنى المشرع مذهب حرية الاختيار كأساس للمسؤولية الجنائية، اذ اشترط الادراك والاختيار لتحقق المسؤولية، الا انه عند تعرض الانسان لما ينفي ادراكه أو اختياره فسوف تمتنع مسؤوليته، ولا يمنع ذلك دون اتخاذ تدابير احترازية ضده، ولم يضع المشرع العراقي قاعدة عامة لامتناع المسؤولية وانما اشار الى حالات امتناع المسؤولية في المواد (60-65) من قانون العقوبات العراقي، وتبنى الشارع المصري كذلك هذا المذهب باعترافه بحرية الاختيار واستبعاده المسؤولية الجنائية حيث تنتفي حرية الاختيار وهذا ما جاء في احكام المادة (62) من قانون العقوبات المصري لسنة 1937.
والقاعدة انه لا يسال جنائيا غير الانسان، لذلك فان الحيوان او الجماد لا يمكن ان يكون محلا للمسؤولية الجنائية، لانعدام الادراك والاختيار، ولا يمكن ان يكون الميت محلا للمسؤولية الجنائية، حيث ينعدم بالموت ادراكه واختياره، فمحل الم
قانون جنائي- مسؤولية- ادراك- اختيار
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع