مدونة الدكتوره ساره مطر العتيبي


علم البيـــــان علم انساني بحت

دكتورة ساره مطر العتيبي | Dr/Sarah Motter ALOtaibi


23/03/2021 القراءات: 3597  


قال عز وجل: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:4]، فالله عز وجل علم الانسان البيان فهو أمر يتعلم، ونستطيع أن قول بأن:
البيان ملكة: يستطيع بها الانسان حفظ الخبرات المكتسبة من واقع الحياة من معارف وغيرها، فيتعلمها ويعلمها لغيره بالإفصاح عنها، بطريق التراكم المعرفي.
فهذه المعارف متوارثة عبر الأجيال.
مهد الله سبل ملكة البيان بثلاث وسائل، وهي:
1: اللسان
2: القلم
3: الكتاب
بهذه السبل الثلاثة علم الله رسله ليعلموا أممهم وأقوامهم، فيعلموا أبناءهم، وأحفادهم وهكذا إلى يوم الدين.
يوضح ذلك قوله تعالى: {‏‏اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}‏‏‏ .
فهناك ارتباط بين القلم والإنسان وما حباه الله من خاصية البيان التي لا تنفك، فهما متلازمتان.
فالقلم وسيلة من وسائل البيان، وخص الانسان بهذا العلم (علم البيان) عن باقي المخلوقات.
فملكة البيان مودعة في روح الانسان، التي نفخها الله عز وجل في هذه النفس بهذا المعنى.
لذا لم يكن قسم الله عز وجل بالقلم بالأمر الهين حين قال عز من قائل: {ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} .
وكذلك بالكتاب حين قال سبحانه: {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ (3)} ، وهذا يبنه ويفسره لنا قوله تعالى : { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) }.
ففي هذه الآية بيان لما خص الله به آدم، وفضل به على الملائكة حينما عجزت الملائكة عن معرفة ما تعلمه آدم.
وعلم آدم كان بوسيلة أخرى غير التلقين المباشر ، لأن التلقين المباشر كالعبادات والذكر ، يشترك فيه آدم عليه السلام مع غيره من المخلوقات العابدة لله تعالى كالملائكة ، والجن ، والجمادات كالجبال والطير وغير ذلك .
فملكة البيان استطاع بها آدم معرفة خصائص الأشياء ثم الإبانة عن تلك الخصائص.
فتلك الملكة مكنت آدم وبنوه من عمران الأرض بما عرف بعد ذلك بالاختراعات التوفيقية، التي هدى الله بني آدم، ولا يزال يهدى بها سبحانه وتعالى بمقتضى الآية (علمه البيان)، فنرى الانسان ارتفع في البنيان، ونظر في النجوم، وبرع في علوم تطبيقية أخرى كالطب والهندسة ، واستأنس الإبل والخيل وخمير، ثم اخترع السفن والسيارات والطائرات والصواريخ ، دافع عن نفسة بما اخترعه من العصي والحجارة ثم السيوف الحديدية والرماح ، ثم المدافع والقنابل، وركب البر والبحر والجو .
فالتكريم لبني آدم بتلك الخاصة العظيمة، يوجب على بني آدم الاهتمام بوسائل بقاء تلك الخاصية واستمرارية ، والأخذ بوسائل البيان من لسان ، وقلم ، وكتاب ، ولا طريق لهذه الوسائل العظام إلا: بالاهتمام بالتعليم أولا وقبل كل شيء.
وهذه المهمة ملقاة على كل من له سلطة في كل قطر من الأقطار، أن يجعل رافد تعليم البشر أقوى الروافد ، ومن يخطط لهذا الرافد أفذاذ العقول ، وألا تتدخل المصالح البشرية في هذا القطاع وإلا اندثر .

بقلمــ
الدكتورة ساره العتيبي
Tw: @DR_Sara3


البيان- العقل- الفهم - العلم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع