جودة المناهج في ضوء التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
أماني إبراهيم علي | Amany Ibrahiem Aly
04/01/2025 القراءات: 11
تعتبر المناهج التعليمية من الركائز المسؤولة بالدرجة الأولى عن ثقافة ومعتقدات وفلسفة المجتمع ,مما ينعكس على بناء المتعلمين بشكل خاص وتحقيق التنمية المجتمعية بشكل عام .
وفي ضوء هذا المبدأ نجد السؤال الذي يطرح نفسه : " هل المناهج التعليمية الحالية في مراحل التعليم المختلفة تعتبر جيدة ومناسبة للمرحلة التعليمية, أم تحتاج إلى تعديل وتطوير ,ليستفيد بها الطالب أثناء دراسته وبعد الانتهاء من دراسته المرحلية ؟ "
ينطلق هذا السؤال في ضوء مايشهده العالم اليوم من ثورة تكنولوجية هائلة يصاحبها النمو المعرفي الهائل الذي يشهده العالم, خاصة في ضوء تطبيقات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي, والذي أثمر منظومة تكنولوجية تعليمية اتخذت مسمي- " التعليم الرقمي " – وهو نزعة تربوية حديثة ترتكز على استثمار منجزات وتطبيقات التطور الرقمي التكنولوجية .
وأصبحت هذه النزعة التربوية الحديثة في تدريس المناهج في ضوء تطبيقات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي, أحد أهم المداخل التي يمكن اعتمادها لتحسين جودة المنتج التعليمي (المتعلم), بالإضافة إلى رفع كفايات الأداء التدريسي للتربويين سواء الأكاديميين بالتعليم الجامعي أو المعلمين بمراحل التعليم قبل الجامعي , وذلك بالاستفادة مما تتيحه التقنيات الرقمية الجديدة من تطبيقات وبرمجيات وأدوات حديثة, كفيلة بمساعدة نواتج التعلم على استيعاب المقررات والمناهج التربوية والانخراط الفعال في إثراء البحث العلمي, وهو الأمر الذي يؤدي إلى ضمان تحقيق الطموح المهني والدراسي والعلمي للمتعلمين .
ومن هنا نجد أن "جودة المناهج" هي خاصية تضمن الفعالية والكفاءة التي تؤدي إلى تحقيق التميز, وأن جودة المنتج التعليمي تقاس بمدى توفر المعارف والمهارات والكفايات التعليمية اللازمة للخريجين, والتي تمكنهم من تحقيق أهدافهم وتلبية احتياجات سوق العمل والمجتمع المجيط بهم .
وعلى ذلك تتحقق جودة المناهج من خلال عدة محاور, أولها جودة المدخلات التعليمية, وثانيها جودة البنية التحتية بما فيها من تجهيزات ووسائل وتطبيقات حديثة تشمل تطبيقات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي .
فلم يعد العالم ينظر اليوم إلى "المناهج التعليمية" - وهي من المعايير الأساسية للجودة- بمعزل عن التحولات التي طرأت على عالمنا المعاصر, ولاسيما التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي .
ولم يعد مقبولا اليوم أن تظل المناهج التعليمية بعيدة عن التحول الرقمي الذي اكتسح مجالات الحياة المختلفة .
و"التحول الرقمي" بمفهومه هو عملية نقل أو تحويل البيانات إلى شكل رقمي آلي بواسطة الحاسب الآلي وبرمجياته وشبكة الانترنت وقواعد البيانات والموسوعات الإلكترونية والبريد الإلكتروني .
لقد أصبح التحول الرقمي الآن من المداخل الأساسية التي تعمل على تحسين نوعية النتائج والمساعدة على اكتساب الكفاءات النوعية ودعم التعلم المستمر مدى الحياة .
ولم يعد التحدي الذي يواجه المناهج التعليمية حاليا هو الحصول على المعلومات فقط ,فقد أصبح هذا الأمر متاحا وبوفرة هائلة ,قد يستحيل معها الإلمام بكافة جوانب الموضوع المنهجي المبحوث عنه, بل ظهرت مؤخرا تطبيقات حديثة للذكاء الاصطناعي تتسم بالقدرة على التفاعل مع المتعلم أو الباحث في مجال المناهج ,واستيعاب المطلوب وصياغته في صورة نصوص صحيحة وسليمة نسبيا .
وهو الأمر الذي يتوجب على خبراء المناهج توخي الحيطة والحذر منه, لما قد يكون له من تبعات سلبية على جودة تدريس المناهج والأمانة العلمية , باعتبار أن الإمكانات القوية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي قد تدفع بالمتعلمين إلى استثمار هذه الإمكانات بصورة سلبية قد تؤثر سلبا على تكوينهم المعرفي , وربما تمس بالأمانة العلمية بوصفها أهم ركائز البحث العلمي الرصين .
ويقتضي هذا الأمر النظر إلى معايير تحقيق جودة المناهج في ضوء التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي, وتتمثل هذه الشروط في ضرورة توفير بنية تحتية مناسبة لتدريس المناهج في ضوء التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي, ومراعاة تدريس المناهج في ضوء معايير الجودة ,مع دعم التعلم الذاتي ,وتوفير المكتبات الإلكترونية والكتب الالكترونية المرتبطة بالمناهج المختلفة ,بالإضافة إلى ضرورة توفير الخدمات الاستشارية في مجال جودة المناهج من قبل معهد الجودة لمعالجة الصعوبات المختلفة التي يمكن ظهورها خلال تدريس المناهج وإيجاد الحلول لها .
وأخيرا ...لابد من توفير المنصات التعليمية لتدريس المناهج, لرفع مستوى جودة الأداء التعليمي وبالتالي تمكين الطلبة من مواكبة المستجدات الحديثة في مجال المناهج التعليمية .
جودة المناهج -التحول الرقمي -الذكاء الاصطناعي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة