التَّأْثيراتِ الأَخْلاقيَّةِ لِلْحَضارَةِ الإِسْلاميَّةِ عَلي الحَضارَةِ الغَرْبيَّةِ (الجزء الثالث)
د. محمد إمام أحمد مغربي | Dr. Mohammed Emam Ahmed Maghreby
15/04/2020 القراءات: 2506 الملف المرفق
ثانياً : مفهوم الأخلاق :
لا شكّ بأنّ الأخلاق هي سمة المُجتمعات الرّاقية المُتحضّرة، فأينما وُجِدَت الأخلاق فثمّة الحضارة والرّقي والتّقدم، ولما أرسل الله تعالى نبيّه محمّد ﷺ جعل من مَهمّات دعوته وصميم رسالته أن يُتمّ الأخلاق ويُكمّلها، فالأخلاق موجودة راسخةٌ برسوخ الأمم ونشوئها قبل النبوّة والبعثة، غير أنّها كانت ناقصةً مسلوبة الروح والمضمون، فجاءت الشّريعة الإسلاميّة لتُكمّلها وتُلبسها لباساً يُجمّلها ويَجعلها في أحسن صورة .
الأخلاق هي المبادئُ والقواعدُ المُنظِّمةُ للسُّلوكِ الإنسانيّ، وقد دعا الإسلام إلى الالتزام بالأخلاق الحميدة والتَمثُّل بها، وحثّ على حفظها وصيانتها، وقد نفت الشريعة الإسلامية صفة الكمال العقائديّ والدينيّ عمّن يُخالف تلك الأخلاق ويُناقضها ولا يلتزم بها[مفهوم الأخلاق في الإسلام].
" الأخلاقُ " جَمع خُلُق، وهو الطبع والسَّجية والدِّين، وتعني الأخلاق أيضاً حالٌ للنَّفْس رَاسِخَةٌ تَصدُرُ عنها أفْعالُ الخَير أو الشرٍّ مِن غير حاجةٍ إلى تُفكّر أو تمهّل، بل تصدر بناءً على ما يتلازم مع الطبع والعادة، وهي مجموعةُ من الصِّفاتِ البشريَّةِ والسُّلوكياتِ التي يمكن وصفها بالحُسنِ أو القُبْح [ معني أخلاق في معجم المعاني الجامع ، معجم المعاني ].
يمكن تعريف الأخلاق بجملةٍ من التعريفات الاصطلاحيّة، وذلك بناءً على نظرة العلم الخاص بذلك التعريف للأخلاق، ومن تعريفاتها في اصطلاحات العلماء ما يأتي:
الأخلاق في الاصطلاح الفلسفيّ: عرَّف بعض علماء الفلسفة كأَرسطو وأفلاطون وغيرهم أنّ الأخلاقَ هي: (القدرة على التّمييز بينَ الخيرِ والشَّر عند الأفراد)، ويمكن تعريفها أيضاً من المنظور الفلسفي بأنّها: (الفضيلة التي يَتغلَّبُ فيها الجانِبُ الإلهيُّ على جانِبِ الشهوات وتفضيل المحبوبات والمرغوبات)، ويَرى بعض الفلاسفة أنَّه يمكن تعريف الأخلاق بأنّها: (القدرة على ضبط الشَّهَواتِ بالعَقلِ ومُمارسَة الفَضائِل والمكارم من الصفات وتمييز الحسن منها من القبيح).[مصطفي حلمي، الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الإسلام ، ص43- 47 ]
الأخلاق » في الاصطلاح الإسلامي : يمكن تعريف الأخلاقُ في الاصطلاح الإسلامي أنّها : مُجموعة من المبادئ والقواعد التي يُحيّدُها الوحي الذي يكون مصدره الله - سبحانه وتعالى - أو الرسول ﷺ ، وتقوم تلك القواعد بتنظيم حياة الناس جميعاً، وتوجيه سلوكياتهم على نحو يُحققُ الغاية من وجودهم، ويمكن بها تمييزهم عن باقي البشر، ممّا يجعل حياتهم تسير وفق قواعد وأحكام الدين وضوابطه " [ مفهوم الأخلاق في الإسلام ].
وقد عرفها الجرجاني بأنّها : (عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويَّة، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقًا سيئًا) [ الجرجاني، التعريفات،ج1، ص136].
التَّأْثيراتِ الأَخْلاقيَّةِ لِلْحَضارَةِ الإِسْلاميَّةِ عَلي الحَضارَةِ الغَرْبيَّةِ
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة