مدونة هاشم علوي عبدالله مقيبل


الاستثمار السياسي لمرحلة الاضطراب المصطنع

د . هاشم علوي عبدالله مقيبل | Dr. Hashim alwi abdullah mogaibel


11/10/2021 القراءات: 677  




" في ظل المتغيرات السياسة الراهنة، وعلاقتها المباشرة بالنظام العالمي الجديد، ومع كثرة النزاعات المسلحة الداخلية والخارجية، أصبح العالم اليوم يعيش مرحلة السعي نحو المجهول.

وطبعا فهذا الجهل المتعمد والاضطرابات المتوالية موجهة إلى طبقات معلومة بصورة مباشرة وغير مباشرة وأخصهم بالذكر عموم المتابعين، و الأكادميين، أو المُعمَّى عليهم من سائر السياسيين، وإستغلال كل موقف منسوب لهذه الفئات لخدمة المرحلة السياسية الراهنة .

وفي إطار عنصر الإستغلال اللا إنساني أصبحت دائرة التركيز الحالي وخصوصا في مراحل النزاعات المسلحة تضرب بصورة مباشرة على وتر الإنسانية، مستغلة بذلك الوضع المأساوي بكل صوره، وأصبحت منظمات المجتمع المدني و الدولي تسعى جاهدة بحسن نية -أو عدمها - لإبراز عنصر الضغط على عموم التوجهات السياسية والفكرية لتجنيب الإنسانية خطر أفرادها .

ونجد اليوم ومن خلال إستقراء المواقف السياسية وارتباطها بالتغير في السلوك الدولي أن العالم ينتهج منهج التمويه والتعتيم وإشعال فتيل الاضطراب السياسي والفكري والإنساني، وهذه الخطوة تعتبر من أشد الخطوات خطرا ومكرا، فإنشغال العالم بالمعاناة مع تهميش أسبابها يفتح المجال لتهئية الواقع المناسب للنظام العالمي الجديد، وتحييد العالم عن التركيز على أسباب المشاكل، بل والحرص على إبقاء المرحلة تعيش وهم الخلاص ولو بعد حين .

هذا الخطر نراه بكل وضوح في النزاع اليمني، والنزاع السوري، فالواقع اليمني أصبح اليوم يمثل حربا عالمية ثالثة، وآثار النزاع اليمني أصبحت كارثية بكل معايير الحروب والإنسانية، و أصبح هذا النزاع من أكثر النزاعات اضطرابا على مستوى العالم، فعلى سبيل المثال :

لو أردنا أن نتبين نوعية النزاع الحالي في اليمن، هل هو نزاع مسلح داخلي أو خارجي؟
لوجدت هناك تعارضا واضحا في تحديد نوع ذلك النزاع!! وهذا الاضطراب يورث مساحة تمنح كل طرف استثمارا مناسبا في جانب من الجوانب.

فمن يقول أنه نزاع داخلي سيجرم التدخل الدولي وفقا للقواعد الدولية المنظمة لذلك، وسيقوم بتفعيل كل ما اعطي من قوة لإثبات ما يبرر موقفه، في حين أن من يصنف ذلك النزاع بأنه دولي سيتثمر ذلك في تبرير جميع مواقفه تحت مظلة الحماية العامة لقواعد السلم والأمن الدوليين وأمن المنطقة من التهديدات الداخلية والدولية والمياه الإقليمية وغيرها ..

هذا الاضطراب البسيط من خلال هذا المثال المطروح يفتح بابا كبيرا لرواد السياسة الدولية للإستفادة من هذه النزاعات على المستوى الدولي والإقليمي، بل لو سنحت لهم الفرصة لستغلوا حتى ثروات الشعوب كما هو واقع في ليبيا وسوريا .

ومن هنا يجب أن نعلم يقينا أن مرحلة الإستثمار التي نعيشها مرحلة مدروسة المعالم، بينة المقاصد عند من يعقل، وأن جملة الاضطرابات السياسية والإنسانية التي تعيشها بؤرة النزاع اليوم هي اضطرابات مقصودة، سواء كانت على مستوى الفرد أو المجتمع أو الإقليم أو الدول، وأن أبشع صورة الإستغلال والإستثمار متمثلة في الجانب الإنساني، في ظل عالَم يسعى لبلوغ مرحلة الخلاص .

كتبه /
*د/هاشم علوي عبدالله مقيبل*
*أستاذ القانون الدولي العام والمنظمات الدولية بكلية الشريعة والقانون جامعة الأحقاف*


الاستثمار السياسي- الاضطراب المصطنع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع