مدونة هاشم علوي عبدالله مقيبل


الحرب البيولوجية وأغراضها السياسية

د . هاشم علوي عبدالله مقيبل | Dr. Hashim alwi abdullah mogaibel


11/10/2020 القراءات: 824  


" *الحرب البيولوجية وأغراضها السياسية* "

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا…

وبعد :

في إطار التطور الكبير الذي حصل لقواعد القانون الدولي العام، والذي يعكس جانبا من جوانب الخصائص النوعية التي تميزت بها قواعد ذلك القانون، نجد أن المجتمع الدولي يحاول جاهدا أن يواكب ذلك التطور، بوضع القواعد العامة المنظمة لهذا التوحش الثوري الجديد.

ومن هذا المنطلق ظهرت هناك بعض الاتفاقيات الدولية ( المعاهدات ) التي تنظم أسس التعامل مع ما توصل له المجتمع الدولي في إطار معاملاته الدولية، او ما يقوم مقامها في شتى النواحي الحياتية .

ومع انتشار وتصنيع الأسلحة البكتيرية ( البيولوحية) ظهرت هناك أول معاهدة دولية شارعة لمنع إنتاج تلك الأسلحة .

هذه المعاهدة كانت ثمرة جهود كبيرة من دول شتى في إطار المجتمع الدولي لترسيخ مبدأ تحريم تطوير تلك الأسلحة في إطار بروتوكول جنيف لعام ١٩٢٥م والمانع من استخدام تلك الأسلحة .

وفي عام ١٩٧٥م أصبحت تلك المعاهدة نافذة بعد التصديق عليها من قبل ٢٢ حكومة، ولكن وللأسف كانت تلك المعاهدة كغيرها من المعاهدات تعاني انتهاكات مستمرة لغياب النظام الرسمي والذي يعنى بمتابعة تتفيذ تلك الالتزامات .

ثم تطورت تلك المعاهدة في إطار تزايد الخوف من انتشار تلك الأسلحة ، وتم اعادة صياغتها باضافة حكم جديد يقضي بتحريم تطوير تلك الأسلحة وكذلك انتاجها، بينما لم تكن تحرم سابقا إلا استعمالها، أما تطويرها وامتلاكها فكان في حيز الجواز .

ومؤخرا تم توقيع ما يقارب من ١٧٩ دولة على تلك المعاهدة، والتي إحتوت على سبع مواد أساسية، تحتوي في طياتها على تحريم امتلاك او استعمال أو تطوير تلك الأسلحة تحت أي ظرف من الظروف.

إضافة إلى وجوب تدمير تلك الأسلحة أو تحويل استخدامها في الجوانب السلمية .

كما نصت تلك المعاهدة على منع أي مساعدة أو تشجيع لأي طرف من أجل امتلاك تلك الأسلحة .

ونجد أن المعاهدة أجازت استخدام تلك الأسلحة في إطار التطوير السلمي للمجتمعات، ومن هنا استغلت بعض الدول هذه الثغرة، وظهرت هناك وحدة أو منشأة طبية تحمل اسم ( ١٦٤٤ ) .

هذه المنشأة هي منشأة يابانية مهتمة بالحرب البيولوجية تحت رعاية المنظمات الوقائية، وتم تأسيسها عام ١٩٣٩م، حسب موقع www.cdc.gov ، كما أسست اليابان الكثير من الوحدات والتي تعنى بهذا التطوير، ومن أمثلة تلك الوحدات ايضا وحدات (٧٣١) وكانت هذه الوحدة ذات سمعة سيئة كما أشار الى ذلك شالدون هاريس في كتابه مصانع الموت .

حيث ينقل عن هذه الوحدة ارتكابها عدة هجمات كيميائية في مواقف متعددة وفي فترات زمنية متفاوتة.

ونحن وفي إطار هذا العرض المختصر لن نعول كثيرا على ذكر تلك الانتهاكات سواء كانت من دولة اليابان أو غيرها من الدول الأخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن سنركز حديثنا عن جزئية التأثير المباشر لتلك الأسلحة .

*الإرهاب البيولوجي*

الإرهاب البيولوجي هو مصطلح حديث يطلق على النشر المتعمد للعوامل البيولوجية من بكتيريا وسموم، وقد يتم ذلك عن طريق النشر المباشر للسموم، أو عن طريق وسيط يحمل ذلك الفيروس من البشر أو غيرهم .

ويتميز هذا النوع من الإرهاب بقلة الكلفة المالية، والتأثير الكبير على المجتمعات تحت عنصر الخوف والهلع، وأصبحت القاعدة عند الكثير من القادة العسكريين في العالم أن الإرهاب البيولوحي يمثل رصيد عسكري كبير ومفيد كما ذكره جوي بيل في مقاله المنشور تحت عنوان لماذا المستقبل لا يحتاجنا ؟.

ومما يؤكد وجود إرهاب بيولوجي قائم ما نقل من أن مرض الجدري القاتل قد تم استئصاله من العالم، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ما زالتا تحتفظان بمخزونات مجمدة من فيروس الجدري حسب ما نقلته منظمة وزارة الصحة العالمية .

*كورونا والحرب البيولوجية*

بعد هذه المقدمة المختصرة، وفي إطار الإنتشار الكبير لفيروس كورونا، لا يمكن أن نتكهن بالحقيقة الدافعة لوجود ذلك الفيروس، أو سبب انتشاره المخيف رغم كثرة المقالات في هذا المجال.

فبعض الكتاب يتوصل برؤيته لتحقق مفهوم الحرب البيولوحية بإنتشار هذا الفيروس، والبعض الآخر يجعل أن هناك دوافع سياسية أو اقتصادية خلف هذا الضغط، والبعض يجعل الصين محل اتهام في حين يجعلها آخرون ضحية مؤامرة دولية !!

ونحن وفي هذا الصدد لا نرجح رؤية دون أخرى، ولا نجزم بصحتها ايضا، فكل الاحتمالات متوقعة، ولكن الذي يهمنا أن نعلم أن هناك من يستطيع تفعيل تلك الحروب لخدمة اغراضه السياسية أو الاقتصادية، وأن هناك من يستغل ضعف الشعوب لتمرير مصالحه واستثماراته حتى ولو كانت على جثث ملايين البشر .

وعليه نجد ان السياسة الدولية اليوم تستغل بشكل كبير أمثال هذه المواقف، فعلى سبيل المثال نجد الإعلام المعادي للسياسة الإيرانية يركز حديثه عن الانتشار الكبير لهذا الفيروس في أوساط المجتمع الإيراني، وبدل أن تبذل الجهود الدولية والصحية لمنعه نجد أنه استغل سياسيا من أجل إظهار ضعف النظام السياسي .

وبالمثل أصبحت الدول المعادية لبعض دول الخليج تستغل وجود حالات مرضية سبيلا لترويج سياستها الدولية، أو لتأجيج الاضطراب الداخلي في تلك الدول .

وبالتالي أصبح العالم اليوم يعيش مرحلة الاستغلال بأبشع صوره، وبكل طرقه، ولو على حساب الشعوب، ويبقى ذلك التساؤل قائما
*من المستفيد من كل هذا العبث* ؟

كتبه /
د . هاشم علوي عبدالله محمد مقيبل


الحرب البيولوجية الاستغلال السياسي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع