مدونة ا.د.عبد المنعم محمد حسين حسانين


حركة المعايير العالمية لإصلاح التعليم : بين الهوية الثقافية والهيمنة الغربية

ا.د.عبد المنعم محمد حسين حسانين | Prof.dr.Abdelmonem Mohamed Hussien Hassaneen


05/11/2021 القراءات: 2602  



حركة المعايير العالمية لإصلاح التعليم : بين الهوية الثقافية والهيمنة الغربية
اعداد
ا.د. عبد المنعم محمد حسين
جامعة الوادى الحديد – كلية التربية
ظهرت تلك الحركة فى الثمانينات من القرن الماضى بأمريكا بهدف الخروج من " أزمة التعليم " بأمريكا واستهدفت وضع معايير عالمية يتبعها العالم أجمع بهدف إصلاح التعليم وقد تكون تلك الحركة فى ظاهرها الرحمة ولكن فى باطنها يكمن العذاب ورغبة الغرب خاصة امريكا فى السيطرة والهيمنة على العالم باعتبارها القوة العظمى فى عصر القطب الواحد والتى تعنى فى العصر الحالى تحقيق أهداف " العولمة " من خلال استغلال التعليم وعولمته .
مفهوم المعايير في التعليم : في تعريف تركيبي نجتهد في صياغته على النحو التالى :-
المعاييرمؤشرات رمزية تصاغ في مواصفات / شروط ، تحدد الصورة المثلى التي نبغي أن تتوفر لدى التلميذ (أو المدرسة) الذي توضع له المعايير ، أو التي نسعى إلى تحقيقها، وهي نماذج و أدوات للقياس ، يتم الاتفاق عليها (محليا وعالميا) وضبطها و تحديدها .
النقد الموجه لحركة المعايير كحركة لإصلاح التعليم فى العالم العربى :-
هناك العديد من الملاحظات التقويمية حول تطبيق مدخل " المعايير " في الأنظمة التعليمية العربية وغيرها ، وبطبيعة الحال لا يفوتنا قبل ذلك ، التنويه موضوعيا ، بمثل هذه التجارب الجريئة والتي ينبغي ومهما كانت الملاحظات والانتقادات ، الاستفادة منها في تطوير التعليم في بلداننا العربية وتحديث مناهجه ، لعل من أهم الملاحظات :
1- بخصوص أصل مدخل المعايير في التعليم :
ينتقد العديد من الباحثين المختصين في بناء المناهج وتطويرها ، لجوء الأنظمة التربوية العربية بشكل عام ، إلى استيراد نماذج وتجارب أمم أخرى ، تختلف تطلعاتها ويختلف واقعها عن واقع وتطلعات مجتمعاتنا العربية الإسلامية وخصوصياتها .ونشير بهذا الصدد إلى الانتقاد الذي وجه للتجربة المصرية ولغيرها من التجارب العربية،في الأخذ بالمعايير كمدخل لبناء مناهج التعليم ، بل ولتطوير المنظومة التعليمية بأسرها ، حيث ينتقد هؤلاء : "لجوء وزارات التعليم إلى استنساخ التجربة الأمريكية في المعايير" .و يؤكدون أن هذا المدخل في إصلاح التعليم في الأنظمة العربية ،هو استنساخ للأصل الأمريكي لذا فإنها سوف تواجه المخاطر التي تواجهها حركة المعايير والمحاسبية في أمريكا... وهي موجة تجزيئية تفتقد النظرة الشمولية
2- مدخل المعايير وتمويل حركات الإصلاح في أنظمة التعليم:
كما ينتقد الباحثون و المهتمون لجوء المسؤولين عندنا ، إلى التعويضات المالية الأجنبية و المساعدات الخارجية لتمويل مشاريع الإصلاح بما فيها مشروع " معايير التعليم"، نظرا لما يمكن أن يكون من ورائها من إملاءات ، وقرائن هذا نجدها في إملاءات البنك الدولي والتي لا تستجيب دائما لمطامح الشعوب واحتياجاتها ، كما أن القرائن مشهودة في تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شئون التعليم في البلاد العربية، وسعيها الحثيث إلى إحداث تغييرات في أهداف مناهج التعليم ومحتوياتها، وتغيير الخطاب التربوي الرسمي بعامة، وتمثلت قمة الإملاءات التي أوصت فيها مراكز البحوث الأمريكية بضرورة تغيير رسم الكتابة العربية، وأن يستبدل به الحروف اللاتينية.
3- المعايير القومية في العالم العربي مشروع بلا هُويّة:
ارتباطا بالانتقادات السالفة حول العمل بمدخل"المعايير في التعليم" ، هناك من يعتقد أن هذا المدخل ، عندما ينقل إلى أنظمتنا العربية ، يبقى "مشروعا بلا هوية"،ذلك أن التعليم ليس نظاماً مستقلاً أو مكتفياً بذاته؛ وإنما هو نظام تكتنفه أنظمة أخرى في المجتمع؛ كالنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتواكبه أنظمة أخرى كنظام الإعلام، والإدارة والتشغيل و القوى العاملة، وتنشأ عنه أنظمة ثالثة كنظام التوظيف، و الخدمات الثقافية والتعليمية والصحية ونحوها، فهل يراعي الأخذ بهذا المدخل هذه الحقيقة الأساسية ، حقيقة تداخل مكونات العملية التعليمية بمكونات المجتمع ككل ، وتشابكها ؟ذلك ما ينكره البعض على التجارب العربية .
4 - وانطلاقا من مثل هذه الملاحظات والانتقادات وغيرها ، ربما قد يكون من الصعب علينا القول بعالمية النموذج و اعتبار المعايير عالمية وتصلح بالتالي لكل زمان ومكان ،كما يدعي المروجون لها ، فهي ليست عملا مناسبا لكل أنظمة التعليم في أي بلد من بلاد العالم المختلفة وليست عملا متطورا يناسب كل البيئات كما يعتقد من افتتنوا بها، أو أن "المعايير هي (Panacea) الدواء الذي يشفي كل علل أمتنا ويخلصها من أوجاعها"وانما ينبغى مراعاة متطلبات تطبيق المعايير فى التعليم بالوطن العربى :لذلك فإن إصلاح التعليم من خلال مدخل المعايير يتطلب ، على افتراض أننا اقتنعنا به كمنطلق لتطوير مناهجنا ، نقول ، يتطلب تغييراً حقيقيا في تصور سياسات التعليم، وفي إدارة عملياته في مستويات مختلفة، وفي الممارسات التعليمية التي يقتضيها. تغييرا يكون ملتحما ومتسقا مع الأهداف الأساسية المنشودة في إصلاح التعليم وفق متطلبات الواقع والاحتياجات الحقيقية للمجتمعات ، والتي لا تتطابق بالضرورة مع سياسات مراكز الهيمنة والسيطرة ومصادر القرار في الدول الغربية. بحيث نطوع المدخل/النموذج لمتطلبات مجتمعاتنا و مطامح واحتياجات المواطنين ، ونعمل جاهدين كعرب فى تحديد معايير محلية تجسد الهوية الثقافية لعالمنا العربى وليس العكس.



حركة المعايير - العولمة - إصلاح التعليم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع