مدونة عبدالحكيم الأنيس


ترجمة الرفاعي لمؤرخ العراق ابن الساعي

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


29/06/2022 القراءات: 820  


ترجم مؤرخُ العراق تاج الدين ابن الساعي (593- 674) في كتابه "أخبار الزهاد" للإمام أحمد الرفاعي (نسخة دار الكتب المصرية المخرومة التي اكتشفها الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف).
وقد نقل أبو الهدى الصيادي أكثر هذه الترجمة في كتابه "التاريخ الأوحد للغوث الرفاعي الأمجد" (ص: 105-106) بشيء من التصرُّف، وسمَّى الكتاب: "تذكرة الأولياء"، -وهذا الاسم مثبت بخط مغاير على أول النسخة المصرية-، ولم يَذكر اسمَ المؤلف، فهل كانت هذه النسخة نفسها عنده، أم نسخة عنها، أم عنده نسخة أخرى؟ هذا ما يُنظر فيه.
وهذه الترجمة نادرة، وهي رابع تراجم الرفاعي مِن حيث الترتيب الزمني، فقد سبقه ابنُ الأثير (ت: 630) في "الكامل"، وسبط ابن الجوزي (ت: 654) في "مرآة الزمان"، وأبو البركات المبارك بن أبي بكر أحمد الموصلي (ت: 654) في "الذيل على معجم الشعراء".
***
قال ابن الساعي:

"أبو المكارم أحمد بن أبي الحسن الرفاعي:
الشيخ العارف صاحب العلم المنشور، والذكر المشهور.
شاع ذكرُه في الآفاق، وتجمَّل به أهلُ العراق.
ولد بقرية أم عَبيدة من أعمال واسط، ونشأ بها، وحفظ بها القرآن الكريم، وواظب على تلاوته، وفُتح عليه باب القبول، وانعكف عليه الناسُ، وتتلمذوا له، وكانت خرقته وصحبته لخاله الشيخ منصور شيخ الفقراء بنهر دقلا، وقبته بها تُقصد للزيارة في المواقيت الشريفة، ويُقال: إنَّ عنده دعوة مجابة.
ثم إنَّ الشيخ أبا المكارم أحمد حصل له من انتشار الذكر، وبُعد الصيت، وكثرة التلامذة والمترددين إليه، حتى إنه كان يجتمعُ عنده في الليالي التي يُحيى فيها -وهي المواقيتُ الشريفة- ألوفٌ يتعذرُ إحصاؤُها، ثم يقدم لهم في أيام مقامهم من الأطعمة ما يعمُّهم ويفضلُ عنهم.
وحدَّث عنه الشيخ محمد المعروف بابن قصيبات المقرئ أنه قال: ختمتُ الأولياءَ كما ختم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الأنبياءَ.
ومع هذا نُقل عنه من التواضع أنه قال -والجمعُ عنده من المشايخ والفقراء ما يزيدون على خمسين ألف إنسان، فنظر إليهم وقال-: حُشِرتُ محشرَ هامان إنْ كنتُ أرى لي فضلًا على أحد من هؤلاء الفقراء.
وكان كثيرَ الصمت، قليلَ الكلام، وأكثر ما كان يجري على لسانه في أوقات ذكره ومناجاته مخاطبًا للباري جلَّ جلاله: يا دهشة، يا حيرة، يا حرفًا لا يقرأ.
والأخبارُ عنه كثيرة، والكراماتُ ظاهرة مشتهرة، ولم يزل على ذلك يتوِّبُ المريدين، وينفعُ القاصدين إلى أن اختار اللهُ له ما عنده من كراماته، فنقله إلى مستقر رحمته، ودفن بناحيته المعروفة بأم عبيدة، وبُني عليه قبة، وذلك في يوم الخميس [الثاني و] العشرين من جُمادى الأولى من سنة ثمان وسبعين وخمس مئة.
وتولى المشيخةَ بعده جماعةٌ ينتسبون إليه، وعقبُه إلى الآن في بركته، وملوكُ الأطراف يعتقدون فيه ويكرمون مَنْ يردُ عليهم من المنتسبين إليه. رحمة الله عليه".
***


الرفاعي. الإصلاح. التربية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع