مدونة أحمد محمد محروس القطوري


هيا نعد إلى القرآن الكريم

أحمد محمد محروس القطوري | ahmed mhmed mhros alqtory


26/10/2021 القراءات: 2636  


الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد.
فقد كان القرآن الكريم موضع عناية النبي-صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته الكرام، ومن تبعهم من العلماء الأجلاء الذين عكفوا عليه يدرسونه ويستخرجون كنوزه.
فهيا بنا نتشرف بشرف هذا الكتاب، وكما قال ابن الجزري (رحمه الله):
- وَبَعْدُ: فَالإْنْسَانُ لَيْسَ يَشْرُفُ ... إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُهُ وَيَعْرِفُ
- لِذَاكَ كَانَ حَامِلُو الْقُرآنِ ... أَشْرَافَ الاُمَّةِ أُوليِ الإحْسَانِ
- وَإنَّهُمْ فِي النَّاسِ أَهْلُ اللهِ ... وَإنَّ َربَّنا بِهِمْ يُبَاهِي
- َوقَالَ فِي الْقُرآنِ عَنْهُمْ وَكَفَى ... ِبأنَّهُ أْوَرثَهُ مَنِ اصْطَفىَ
- وَهْوَ فِي الاُخْرَى شَافِعٌ مُشَفَّعُ ... فِيْهِ وَقَوْلُهُ عَليْهِ يُسْمَعُ
- يُعْطَى بِهِ المُلْكَ مَعَ الْخُلْدِ إِذَا ... تَوَّجَهُ تَاجَ الْكَرامَةِ كَذَا
- يَقْرَا وَيْرقَى دَرَجَ الجِنانِ ... وَأبَوَاهُ مِنْهُ يُكْسَيَانِ
- فَلْيَحِرصِ السَّعِيدُ فِي تَحْصِيْلِهِ ... وَلا يَمَلَّ قَطُّ مِنْ تَرْتِيْلِهِ
- َوليَجْتَهدْ فَيهِ وَفِي تَصحِيحِهِ ... عَلى الَّذِىِ نُقِلَ مِنْ صَحِيحِهِ
وعن أنس (رضي الله عنه)، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: «إن لله أهلين من الناس، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصّته» أخرجه ابن ماجه (215)
وعن عثمان بن عفان، (رضي الله عنه)، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه». أخرجه البخاري (5027)
وفضل هذا الكتاب يرجع لأن الله-عز وجل- فضل هذه الأمة، فأمتنا أمة متفردة، متفردة برسولها، متفردة بكتابها، متفردة بيوم الجمعة، متفردة بالقرآن والسنة.
وإذا كنا نبحث عن النهضة لأمتنا؛ فنهضتنا في القرآن، ثقافتنا في القرآن، تربية أبنائنا في القرآن، التقدم الذي نرجوه في جميع نواحي حياتنا في القرآن، أعرق الكتب وأعزها علينا، وفخرنا من بين الملل، حل كل همومنا وما يواجهنا من التحديات في القرآن، القوة الدافعة لنا معنويا، والموجه لنا في سلوكنا هو القرآن.
يتشرف المؤلف بما ألف من كتب، ويفرح إذا كرم بكتابه، وأخذ الناس يرددون اسمه، ويذكر في الصحف، ولكن وسام الشرف وذروة سنامه للمسلم إذا ارتبط بالقرآن، وتعلق بالقرآن، ورأى هو في نفسه تعلقا بالقرآن.
أرقى الكلام وأعذبه، مريح للنفوس، مهذب للطباع، مقوم لطغيان النفس.
هو شمس هدايتنا، ونور طريقنا لقيادة البشرية.
هو الذي يسمو بنا في سماء العلم، وهو الذي يقود العقل الواعي إلى البعد عن ظلمات الجهل والتردي.
هو كلام الله- عز وجل- الذي جاء به جبريل الأمين على نبينا الأمين-صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي يحدثنا عن ربنا، وعن صفاته، وسعة رحمته، وعن كبريائه، وجبروته، وعن علوه، وقدسيته، وعن قربه من عباده، وعن تدبيره لملكه.
ويحدثنا القرآن عن رسولنا الكريم-صلى الله عليه وسلم-، وعن رحمته بأمته، واستغفاره لهم، وعن صفاته، وصفاتهم.
هو الزاد في الطريق، والقائد وقت التيه والظلام.
لقد اشتمل على كل القضايا التي تقابل الإنسان في رحلة حياته، وهو يحدثه عن نفسه؛ ليستبصر عيوبها؛ فيقبل عليها وينهاها عن غيها، ويزكيها.
وهو الذي يهدي الجاهلين في حيرتهم، والضالين في منهجهم، وهو كتاب التربية والتوجيه، والقيم السامية، وهو بعيد كل البعد عن الشعارات الزائفة. وهو الذي يأخذ بيد أتباعه بعيدا عن الشرور، ويدلهم على منهجه؛ ليكونوا من أهل البهجة والسرور.
يحدثنا عن قصص الأنبياء، وعن دور الملإ المستكبرين في أقوامهم الذين كانوا- ولا يزالون- يحاربون دعوة الله- عز وجل-، ويرضون بكل منزلة دونية، أو لقمة شهية.
ويحدثنا عن صبر أصحاب الدعوة على الابتلاءات المختلفة، وبأن الله أملى للكافرين، واستدرجهم، وأعطاهم من زخرف الدنيا، وزينتها، ولكنه أخذ أقواما منهم أخذ عزيز مقتدر.
ويجد المؤمن نفسه يعيش في هذه الحياة الدنيا وسط الأمواج المتلاطمة، والفتن المتتالية؛ فيحتاج إلى الرجوع للقرآن الكريم؛ فيقرأه كأنه يتنزل عليه الآن يحدثه عن الحل لكل مشاكله، وإدارة شؤون أسرته، والعمل على التئام شمل الأمة، والتعاون على البر والتقوى، ويحذره مكر أعداء الأمة، ويكشف له عن مخططاتهم، وحقدهم، فكأنه يعيش اللحظات التي عاشها الأوائل منذ أربعة عشر قرنا بكل وقائعها، ومجرياتها، فيستنج الصغير، والكبير، والذكر، والأنثى أنه قد آن الأوان ليكون القرآن هو منهجنا، وقائدنا، وأن نكون كالجسد الواحد نشعر ببعضنا على اختلاف أشكالنا، وألسنتنا، وصورنا، ونتقارب بحبنا لبعضنا، والعمل من أجل رفعة هذا الدين، ويثبت عندنا كما ثبت عند الأوائل بأن هذه الحقائق لم تعد وهما، ولا حديثا يفترى، بل أضحت حقائق علمية ثابتة، ولا ينكرها إلا أرباع الرجال.
هذا الكنز الثمين الذي يتربع على عرش قلوبنا حبا وفخرا، ونعلم ظاهرا وباطنا أنه عز نفوسنا، وهو الذي يصونها من طغيان المغريات والملهيات.
مدرسة المدارس، وجامعة الجامعات، يقود مناهج العالم، وسينجح من يسير خلفه، كما نجح علماء الإسلام الأوائل الذين لم يدخلوا المدارس، ولا الجامعات، ولكنهم دخلوا كلية القرآن الكريم، فتفوقوا في كل المجالات.
لقد صور لنا القرآن الماضي، والحاضر، والمستقبل بأسلوب بديع.
لا يدعو إلى نزعة، ولا طائفية، فلسفته مصلحة الجميع، والفرد مصان وسط الجماعة.
إذا أردنا تربية الأجيال، وتحقيق الآمال، وجمال المقال، وقوة في الاستدلال، وما يسرنا في المآل، فطريقه لا يقبل الاحتمال.
فهيا نضع من حمل الدنيا الذي على عواتقنا، ونجلس معه؛ لنأخذ منه الشفاء للداء، ونملأ من معينه الصافي ذنوبا لغسل ذنوبنا، ولنتدبر صفحة من صفحاته؛ لمحو صفحات سيئاتنا.
إنه القرآن: القرب منه رشاد، وتلاوته تنفعنا يوم المعاد، والحصيف الذي يعلم هذه الآية ثم يلزمها: ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) (فاطر:29)
فهيا إلى هذه التجارة التي لا نستطيع حساب مكاسبها.


القرآن، الحاضر، والمستقبل.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


جزاكم الله خيرا أحسنت احسن الله اليكم دكتور وجعلنا الله واياكم من أهل القرآن الكريم لقد لفت نظري هذه الجملة فى الفقرة الاخيرة (ونملأ من معينه الصافي ذنوبا لغسل ذنوبنا) هل تقصد (ونملأ من معينه الصافي أجورًا لغسل ذنوبنا) أم أني لم أفهم ماقصدته وجزاك الله خير


وإياكم سعادة الدكتور وبارك الله فيكم نعم جزاكم الله خيرا سعيد بمروركم كتب الله أجركم.