مدونة دكتور/ معتز احمد رفاعي زارع


أول من صنف في علم المغازي

دكتور/ معتز احمد رفاعي زارع | Moataz Ahmed Rfaye Zarea


24/12/2020 القراءات: 4620   الملف المرفق



أول من صنف في علم المغازي والسير
بقلم
الْبَحَّاثةُ الْإسْلَامِيُ
دكتور/ مُعْتَزُ أَحَمْدُ رِفَاعِيُ زَارِعُ
ونِسْبَتُهُ
مُعْتَزُ السيِّريُ الشافعِيُ

أول من صنف في علم المغازي والسير
إن هذه المسألة من أهم المسائل التي تتعلق بهذا العلم؛ فهي ركنٌ أصيلٌ، وقد اختلف الأئمة في أول من صنف في "المغازي"، فذهب ابن سعد إلى أن "محمد بن إسحاق" (هو) أول من جمع مغازي رسول الله  وألفها، وكان محمد بن إسحاق مع العباس بن محمد بالجزيرة، وكان أتى أبا جعفر بالحيرة؛ فكتب له المغازي( ).
بينما ذهب السهيلي إلى أن أول من صنف في السير هو ابن شهاب الزهري( )، ثم ذهب الصفدي إلى أن أول من صنف المغازي عروة، وأول من صنف السير(هو) ابن إسحاق، حيث قال: "فأول من صنف في المغازي عروة بن الزبير رضي الله عنهما، ثم موسى بن عقبة، ثم عبد الله بن وهب، ثم في السير ابن إسحاق"( ).
وذهب الذهبي إلى أن أول من صنف المغازي عروة بن الزبير( )، وكذا قال ابن كثير: "كان عروةَ فقيهًا عالمًا حافظًا ثبتًا حجةً عالمًا بالسير، وهو أول من صنف في المغازي"( ).
قال الذهبي: "والصحيح أنه لا تعارض بين هذه الأقوال، ويمكن الجمع بينها، فإن علم المغازي كان أسبق من علم السيرة في الظهور والتصنيف، فإن أول من صنف في فن المغازي من طبقة التابعين هو عروة بن الزبير، بينما أول من صنف في فن السيرة محمد بن شهاب الزهري وإن اشتهر كتابه بعد ذلك بالمغازي؛ فإنه صنف في المغازي أيضًا؛ غير أنه أول من ألف في السير، وقد يكون أبان بن عثمان وهو شيخ الزهري قد سبقه إلى ذلك، إلا أن كتابه في السير لم يشتهر، وقد يكون صحيفةً، وأول من صنف صحيح المغازي موسى بن عقبة، وأول من جمع المغازي والسير هو محمد بن إسحاق"( ).
وقال القنوجي: "جمعها محمد بن إسحاق أولًا، ويقال أن أول من صنف فيها عروة بن الزبير، وجمعها أيضًا وهب بن منبه، وأبو عبد الله محمد بن عائذ القرشي الدمشقي الكاتب، وأبو محمد يحيى بن سعيد بن أبان الأموي الكوفي الحنفي، المتوفى سنة إحدى وتسعين ومائة عن ثمانين سنة، ومنها مغازي محمد بن مسلم الزهري، وعبد الرحمن بن محمد الأنصاري، والواقدي، وموسى بن عقبة بن أبي عيا، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة، ومغازيه أصح المغازي، وفي هذا العلم مصنفات كثيرة، أجلها وأفضلها تصنيف عبد الملك بن هشام، ومغازي ابن إسحاق، وغير ذلك"( ).
وقال الكتاني: "وكتاب السيرة لأبي بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري المدني، نزيل الشام، أحد الأعلام، التابعي الصغير، وقال بعضهم: "أول سيرة ألفت في الإسلام سيرة الزهري"( ).
وذهب الزرِكلي إلى أن: "أبان بن عثمان بن عفان الأموي القرشي أول من كتب في السيرة النبوية، وسلمها إلى سليمان بن عبد الملك في حَجِّه سنة 82هـ، فأتلفها سليمان"( ).
وقال الطناحي: "في النصف الثاني من القرن الأول الهجري بدأ بعض التابعين في تدوين أخبار السيرة النبوية ومغازي رسول الله ، ويُجمع مؤرخو السير على أن أول من كتب في ذلك هو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، المتوفى سنة 93هـ، وقد عاصره وتلاه نفر من التابعين الذين عُرفوا بالعناية بالسيرة، وجمْع أخبارها، منهم أبان بن عثمان بن عفان المتوفى سنة 105هـ، ووهب بن منبه المتوفى سنةً 110هـ، وعاصم بن عمر بن قتادة المتوفى سنة 120هـ، ومحمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري المتوفى سنة 124هـ، وعبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن حزم المتوفى سنة 135هـ"( ).
قُلتُ: ويتضح مما سبق أن أهل الصنعة قد اختلفوا في أول من صنف في علم المغازي إلى أقوال, وتحريرها وفض نزاعها فيما يلي:-
1- القول الأول: منسوب لابن سعد في أول من صنف في المغازي هو: (محمد بن اسحاق بن يسار المتوفى: 151هـ).
2- القول الثاني: منسوب للسهيلي في أول من صنف في المغازي هو: (ابن شهاب الزهري المتوفى: 124هـ).
3- القول الثالث: منسوب للصفدي والذهبي وابن كثير في أول من صنف في المغازي هو: (عروة بن الزبير المتوفى: 93هـ), وفي السير (محمد بن اسحاق بن يسار المتوفى: 151هـ).
قُلتُ: والحقيقة أن سبب هذا الاختلاف الناشئ عند المتقدمين أصحاب الصنعة والمشارب الأولى هو عدم التفرقة بين مصطلحي "المغازي والسير"؛ فجميعهم أو غالبهم كانوا لايفرقون بين هذا وذاك؛ حتى أنهم يجمعوا بين الفنين في مصنفٍ واحدٍ, ويطلقون عليه أحد المصطلحين أو حتى كلاهما معًا كصنيع محمد بن اسحاق مثلاً في سيرته أو إن شئت فقل في مغازيه.
وأوائل الكتب التي صُنفت في المغازي ولم تصل إلينا كمغازي عروة (المتوفى: 93هـ), وأبان بن عثمان (المتوفى: 105هـ), وشرحبيل بن سعد (المتوفى: 123هـ), وابن شهاب الزهري (المتوفى:124هـ)؛ فجميعها خلطت بين المصطلحين إلا أن الأخير الذي وصل إلينا كاملاً وهو كتاب مغازي الزهري قد خلط هو الأخر بين الفنين في مصنفه؛ حتى أن المغازي في كتابه قد بدأت بعد منتصفه بعد ما ذكر: (حفر زمزم, وخبر عبد المطلب, وخبر الكاهن, وحادثة شق الصدر, واعادة بناء الكعبة, وزواج النبي من خديجة, وأولاد النبي من خديجة, وبداية الوحي ونزوله, وخبر ورقة بن نوفل,...الخ), ثُم أن المغازي عنده تركزت على الغزوات الكبرى كـ (غزوة بدر, وأحد, وفتح مكة, وحنين) وأخباره فيها قليلة.


أول من صنف في علم المغازي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


منشور متمييز