مدونة د. أسماء صالح العامر


ومضات إعجازية: قوم لوط (عليه السّلام)

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


16/12/2023 القراءات: 120  


قوم لوط (عليه السّلام)
لعل في قصة قوم لوط التي ذكرت في القرآن الكريم «1» في سور عدة ما يدفع إلى العجب، وقد يشك الإنسان لوهلة مما ورد في هذه القصة من آيات وأحاديث وهي مذكورة في كتب التفاسير وكتب قصص الأنبياء. وما يهمنا هنا هو ما حصل من عقاب إلهي لقوم هذه القرية وهي قرية سدوم في منطقة تسمى عمق السديم بأرض الأردن قرب البحر الميت والذي يسمى ببحر لوط أيضا بسبب ما فعلوه من أعمال قبيحة خبيثة تأباها النفس البشرية، وقد حذرهم منها سيدنا لوط عليه السلام إلا أنهم لم يأبهوا بتحذيره بل وتحدوه أن يأتيهم بالعذاب الذي يعدهم به، بل وهددوه بالقتل رجما بالحجارة إن هو لم يكف عن دعوته. عند ذلك دعا لوط ربه أن ينجيه وأهله مما يعملون فأنجاه اللّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين فهلكت مع قومها الذين أهلكهم اللّه بالصيحة كما قال تعالى فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) (الحجر) «2». فقد أرسل اللّه تعالى الملائكة بهيئة بشر وقالوا له أن العذاب سيأتي على قومه في الصباح فحمل سيدنا جبريل عليه السلام الأرض وهم نائمون (أي أرض سدوم) وقلبها جاعلا عاليها سافلها بينما أهل لوط أمروا بالخروج من المدينة وعدم الالتفات إذا سمعوا الصيحة، إلا أن امرأته التفتت فأصابها ما أصاب قومها جزاء لها بعدم طاعتها لنبي اللّه لوط عليه السلام. فيا ترى هل يعقل أن تقتطع جزء من الأرض وتقلب على عكسها كما جاء في القصة؟.
هذا ما أثبتته الأبحاث الآثارية والجيولوجية فعلا، فقد أثبتت أن طبقات الأرض
للمنطقة حول مدينة سدوم مرتبة بشكل معين معاكس للطبقات التي تحويها المنطقة المحيطة بقرية سدوم وبتسلسل معاكس تماما، كما وأن امرأة لوط التي حنطت أثناء التفاتها لا يزال تمثالها شاخصا واقفا لحد الآن يتحدى المعاندين والمكابرين. وقد قام فريق بحثي أمريكي مؤخرا بدراسة المنطقة جيولوجيا، وتبين له أن طبقات الأرض معكوسة تماما في تلك المنطقة الواقعة قرب البحر الميت في الأردن، وكذلك وجدت امرأة سيدنا لوط عليه السلام وهي واقفة محنطة على شكل حجر بهيئته البشرية، وذلك عند ما استدارت لتنظر ما ذا حدث لقومها عند ما أخذتهم الصيحة مشرقين عند خروج لوط بأهله كما أمر، وهذا كله مصور بفيلم علمي عرض على شاشات التلفاز في العالم كله، وهو مصداق لقوله تعالى:
قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ولا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) (هود: 81).
وقد ذكر القرآن الكريم هذه القصة مرارا مذكرا قريش الذين عاندوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بأن لهم في هذه القصة وتمثال امرأة لوط العبر الكافية بأنهم قد ينالوا نفس العقاب إذا ما عاندوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وهذا التحدي نفسه لا يزال قائما على صحة القرآن وصدق حقيقة وفلسفة وجود الإنسان حتى قيام الساعة.
إذن، فالإعجاز القرآني في مجال الجيولوجيا واضح بيّن هنا فضلا عن الجانب الآثاري والتأريخي، وهو قوله تعالى: ... عالِيَها سافِلَها ... (هود: 82، والحجر: 74)، والتي تبين أن طبقات الأرض في المنطقة قد عكست أي جعلت بتدرج معاكس لما حولها


قوم لوط


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع