الفرص العظيمة في شهر رمضان الفضيل التربوية وكيفية الإستفادة منها
د. لطفي عبد المجيد كوكي | lotfi abdelmajid kouki
19/03/2024 القراءات: 637
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين؛ أما بعد؛ فإن شهر رمضان المبارك نعمة أنعم الله تعالى فيه عباده من كل الخيرات الدنيوية والأخروية، حيث قال تعالى:" شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ "(البقرة 185). يقول بن كثير في تفسيره:"يَمْدَحُ تَعَالَى شهرَ الصِّيَامِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الشُّهُورِ، بِأَنِ اخْتَارَهُ مِنْ بَيْنِهِنَّ لِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فِيهِ، وَكَمَا اخْتَصَّهُ بِذَلِكَ، قَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِأَنَّهُ الشَّهْرُ الذِي كَانَتِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ تَنْزِلُ فِيهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ"، وفي سياق آخر ذكر "في معنى ( هدى) : هَذَا مَدْحٌ لِلْقُرْآنِ الذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ هَدًى لِقُلُوبِ الْعِبَادِ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ" ويجدر الذكر هنا أن المسلم لا بد أن يغتنم جملة من الفرص ويغتنمها من شهر رمضان من فضائل وخير وتوفيق بدأ من العبادات: 1)- الصيام: فمن الناحية التربوية يربي الإنسان نفسه على التخلق بأخلاق الإسلام التي تدعو البعد عن شهوات القلب والبطن والبعد عن الغيبة والنميمة، بل يجاهد نفسه على فعل الخيرات وتهذيب النفس ظاهرا وباطنا؛ فيكون بذلك السلوك قويم سليم يفيد نفسه والمجتمع، فاليستفد من فعله في الصيام أثناء رمضان ويواصل بهذا المنوال طيلة حياته. 2)- الزكاة: قال تعالى:( خُذۡ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡ صَدَقَةࣰ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّیهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَیۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ). يقول السعدي رحمه الله: ﴿وَتُزَكِّيهِمْ﴾ أي: تنميهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي، وتنمي أموالهم. ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ أي: ادع لهم، أي: للمؤمنين عموما وخصوصا عندما يدفعون إليك زكاة أموالهم. ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ أي: طمأنينة لقلوبهم، واستبشار لهم، ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ﴾ لدعائك، سمع إجابة وقبول. وهذه وقفات تربوية يعي منها كل فرد مقومات تحقيق تهذيب وتعديل السلوك نحو الأفضل. 3)- الصلاة: قال تعالى: "إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ"( العنكبوت:45) يقول أبو بكر الجزائري: "وأقم الصلاة: بأدائها مقامة مراعى فيها شروطها وأركانها وواجباتها وسننها. تنهى عن الفحشاء والمنكر: أي الصلاة بما توجده من نور في قلب العبد يصبح به لا يقدر على فعل فاحشة ولا إتيان منكر. ولذكر الله أكبر: أي ذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه كما أن ذكر الله أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة وغيرهما". وإن دلت هذه فإنها تدل تربويا على شيئا عظيم وهو أن الصلاة سبب لتعديل سلوك الإنسان والبعد به من الرذائل إلى أرفع المراتب في الدنيا والآخرة. وأهم من هذا كله ذكر الله تعالى في كل الأحوال قياما وقعودا وعلى جنب وفي كل الحركات والسكنات؛ لأنه بذكر الله تعالى تطمئن نفوس بني آدم ويستقيم حالها، فالله تعالى أغدق علينا من النعم الكثيرة التي لا تحصى ولا تعد، قال تعالى:(( وَٱلذَّ ٰكِرِینَ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا وَٱلذَّ ٰكِرَ ٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمࣰا) (الأحزاب:35). ثم قال تعالى:(( وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَاۤۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لَظَلُومࣱ كَفَّارࣱ)) (ابراهيم:34). وبعد ذكر بعض ما يكون من الوقفات التربوية في جانب العبادات، نجد كذلك أن جانب المعاملات في شهر رمضان المبارك عديدة نذكر أهمها: 1)- صلة الرحم وإيصال العلاقات الأسرية والعائلية بين أفراد المجتمع، وأنه مما يتقرب به إلى الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم (مَن أحبَّ أن يُبسط الله في رزقه ) 2)- تقديم يد العون لأخيه المسلم ماديا ومعنويا. 3)- السعي إلى نشر الخير بالكلمة الطيبة ومراعاة أحوال الناس، والصبر على الأذية وما إلى شابه. 4)-البعد عن الغضب في التصرفات مع الأقران والوسط الذي يعيش فيه. 5)- بث روح الإيجابية في نفس من التفاؤل وحسن الظن بالآخرين. 6)- البعد عن مفسدات القلوب( من النميمة والغيبة والحسد والبغض والكبرياء والإستنكاف. فمن الملاحظ أن التربية الإسلامية هي التربية التي يقوم عليها المجتمع المسلم فترقى به إلى أفضل المراتب، كذلك لا بد أن أعرج على نقطة جديرة بالطرح ألا وهو( مسألة التطبيق)؛ فالإنسان كل ما يمر به من آية أو حديث تحث على تعديل السلوك أو تنمية السلوك الإيجابي لا بد مع تعلمها نظريا العمل بها، وبالتالي التطبيق هو المرجو من العلم أيها الفضلاء، أما سمعت قول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة( محمد:19):(( فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ)). وهذا يظهر جليا أن العلم مقترن بالعمل، والله الموفق.
رمضان- تربية - علم- عمل.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
الله الموفق
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة