مدونة بكاري مختار


تاريخ الدولة البيزنطية - الجزء الثاني -

د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar


10/04/2022 القراءات: 962  


قبل ظهور الدولة البيزنطية بقليل
اختلف الباحثون في تحديد سنة معينة لظهور الدولة البيزنطية فقد اشار الأستاذ أوستروجورسکی Ostrogersky ... الى الرأي القائل بأن مفاهیم الرومان السياسية والثقافة اليونانية والديانة المسيحية كانت العوامل الرئيسية التي حددت نمو الصفة البيزنطية وتطورها ، وأن اقتران الثقافة الهلنستية بالديانة المسيحية داخل اطار الامبراطورية الرومانية هو الذي أدى إلى ما تعرفه باسم الدولة البيزنطية ،...
وأضاف الى ذلك أن هذا التطور حدث نتيجة زيادة اهتمام الامبراطورية الرومانية بالشرق بسبب أزمة القرن الثالث الميلادي ، وكان أول مظاهر هذا الاهتمام هو الاعتراف بالمسيحية ، وتشييد عاصمة جديدة على البوسفور ، وأن
هذين الحدثين انتصار المسيحية وانتقال المركز السياسي للامبراطورية الرومانية الى الشرق الهلنستي ، يمثلان بداية العصر البيزنطي .
وأتخذ الأستاذ فازیلیف Vasiliev في كتابه تاریخ الامبراطورية البيزنطية ، والأستاذة هسي Hussey في كتابها العالم البيزنطي؛ اتخذا سنة 324 م باعتبارها السيئة التي بدأت فيها الدولة البيزنطية تأخذ طابعها الخاص .
ومن المعروف أنه في تلك السنة بالذات انفرد قسطنطين الكبير بحكم الامبراطورية الرومانية ، وفيها اختار مكان مستوطنة بيزنطة اليونانية على البوسفور مركزا لتأسيس عاصمة جديدة للامبراطورية في الشرق •
ومن المعروف أن الامبراطورية الرومانية بلغت الذروة في القرن الثاني الميلادي عندما أصبح البحر المتوسط بحيرة رومانية . غير أن هذه الامبراطورية واجهت في القرن الثالث الميلادي ثلاث أزمات تمخض عنها ظهور (الدولةالبيزنطية) أو (الأمبراطورية الرومانية الشرقية) ، أو (دولة الروم) ..
وهذه الأزمات هي
▪︎- عدم الاستقرار السياسي والاضطراب الاقتصادي الذي
تعرضت له الامبراطورية الرومانية .
▪︎- غارات القبائل الجرمانية والفرس •
▪︎ - قصور الوثنية وعدم قدرتها على ملء حاجات الناس النفسية وغيرها .
وخلال القرن الثالث وفي خضم تلك الأزمات فقدت الامبراطورية الرومانية مظهرها وطابعها اللاتيني الوثنى ، وبدأت بالتدريج تأخذ شكلا يونانيا مسيحيا •
ولاشك أن عدم الاستقرار السياسي وما واكبه من مثالب النظمالاجتماعية للامبراطورية ومؤسساتها الثقافية ، أضعف الإمبراطوريةوهددها وعرضها للدمار . فقد بدأ عدم الاستقرار السياسي منذ مقتل الإمبراطور کاراجلا سنة 217م عندما بدأت سلسلة من الاغتيالات ، فلم يعد هناك نظام معين لاختيار الأباطرة ، ولم يعد لمجلس الستاتو أي دور في ذلك ،
ولعب قادة الفرق العسكرية في ولايات الامبراطورية دورا كبيرا في تعيين وعزل الأباطرة ، فشاعت بذلك الحروب الأهلية .
والمتتبع لتاريخ الامبراطورية الرومانية خلال الخمسين سنة
السابقة لحكم الامبراطور دقلديانوس ، أي خلال الفترة ما بين سنتی( 235م-285م) يلاحظ أنه أدعى عرش الامبراطورية اكثر من ستةوعشرين امبراطورا ، أغتيل معظمهم قبل الوصول الى العرش .
وكان المنهزمون من هؤلاء الأدعياء يلقبون (طغاة) والمنتصرون يلقبون (أباطرة) وكان المنتصر دائما يستأصل معارضيه ومناوئيه ، كما كان معظم.المتنازعين للوصول الى عرش الامبراطورية من خيرة القادة العسكريين وأكفئهم •
وأدى عدم الاستقرار السياسي وكثرة الحروب الداخلية واغارات قبائل الجرمان والهون الى اضرار خطيرة ومدمرة للأحوال والنظلم الاقتصادية للإمبراطورية الرومانية ..
،فقد عانت الإمبراطورية في القرن الثالث من فقدان التوازن التجاري مع السعر ، وقلة التحميلات الضرائبية ، وزيادة نفقات الدولة ، وانتشار الأوبئة والطواعين نتيجةالفقر والضعف وسوء التغذية ، مما أدى الى قلة عدد السكان ونقص.القوى البشرية خاصة مجال الزراعة ..
واضطر الأباطرة الى غش العملات النقدية بزيادة نسبة النحاس والمعادن الرخيصة الأخرى ،فانخفضت قيمة العملات واختفت العملات الذهبية ، وحلت العملات.النحاسية بدلا من الفضية ، فارتفعت الأسعار ، واهتزت الثقة في العملة
الرومانية، وأدى هذا كله الى تضخم نقدي ، وبدأ أفراد المجتمع يعتمدون اعتمادا كبيرا على نظام المقايضة نتيجة غش وتزييف العملات النقدية •


الدولة البيزنطية، تاريخ


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع