مدونة رجب علي رجب دومة


الكذب وآثاره اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا

الدكتور/ رجب علي رجب دومة | D/RAJB ALI RAJB DUMA


29/10/2020 القراءات: 408  


الإسلام جاء متمما للأخلاق، وكانت أخلاقهم في الجاهلية تأبى الكذب، وفِي قصة أبي سفيان مع قيصر في البخاري تأبي أبي سفيان للكذب لخوفه من العرب، والله يقول بعد سرده لقصة المخلفين:"يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"[التوبة]، ويبدو ظاهرا دعوة المؤمنين وهم الأكثر، لأن المخلفين كانوا ثلاثة، لرفع الهجر عن المخلفين الذين صدقوا رسول الله، بأمرهم بتقوى الله ومواصلة إخوانهم الصادقين، فكأن مجتمع المدينة كان يأبى مبدأ الكذب تماما، وفِي ظن الصحابة أن أولئك الناس قد كذبوا وفِي حقيقة حالهم هم الصادقون، فلما نهاهم الله رجعوا للحق وأنابوا إلى الله وعرفوا الصادق من الكاذب، ونحن الْيَوْم نعيش في واقع مشابه إذ يصدق فيه الكاذب، ويكذب فيه الصادق، فهل من معايير لذلك كما قال الأول: والصدق أبلج لا يخيل سبيله والصدق يعرفه ذوو الألباب إن المجتمعات التي لا تربي أجيالها على الصدق ومكارم الأخلاق هي مجتمعات مخدوعة، وعلماؤها في سبات، فمن الواجب التبليغ للأمة عموما بوضع مناهج تربوية أخلاقية دعامتها القرآن الكريم وسيرة النبي المصطفى وصحابته الكرام، وقصص العرب المأثورة، وليس عيبا أن تكون لنا منهجيتنا في التعليم، بل الخطل في ترك الخطام، وعدم التزام الغرز، فانظر الْيَوْم إلى آثار الكذب تجده متمثلا لك في كل مجال، بل منهم من يكذب في العلم حتى باتت بعض جامعاتنا دكانا لبيع الشهادات الوهمية، والترقيات الواهية، وبات جل أبنائنا يرفضون العلم، ويسعون إلى المال من دون علم، ولا يميزون بين الحلال والحرام، وهذا كله في دائرة الكذب داخل والله المستعان. وليس من باب الترف العلمي أن يعد الكذب مرضا اجتماعيا ونفسيا، بل هو مرض من أمراض العصر كما تسمى بعض الأمراض كالسكري عافانا الله وإياكم، والعجيب أن الدراسات الأكاديمية لا تعالج هذه المشكلة كظاهرة إنسانية يجب معالجتها، خصوصا وأغلب الناس يعيشونها يوميا، وهي ركن من أركان مرض أعم منه ألا وهو النفاق، فليت دراساتنا الإنسانية والتربوية والاجتماعية والدينية تلتفت بكليتها لمعالجة هذا المرض الفاتك، وقانا الله وإياكم الكذب فنكون كما قال الأول: لا يأخذ التأفيك والتحزي فينا ولا طيخ العدى ذو الأز والله الموفق.


الكذب- مرض- اجتماعي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع